يمثل الماضي السحيق وتاريخ الحياة على الأرض لغزًا كبيرًا لدى الإنسان من قديم الزمان،
ولكن هذا اللغز لم يكن محير بالنسبة لأصحاب الديانات الإبراهيمية، والتي تخبرنا بأن الله هو الخالق لهذا الكون، وأننا أولاد آدم وحواء..
ولكن وفي عصر ثورة المعلومات، تعرض الكثير منا لهذه التساؤلات المحيرة، هل الحياة أتت عن طريق الخلق، أم عن طريق التطور؟
ت
م عمل إحصائيات في الولايات المتحدة عن لماذا تبتعد الأجيال الجديدة عن الدين بالرغم من النشاط الديني الهائل الذي تقوم به المؤسسات الدينية؟
كانوا يظنون أن بداية البعد عن الدين تبدأ في مرحلة الجامعة، ولكنهم اكتشفوا أنها تبدأ في مرحلتي الدراسة الإعدادية والثانوية، والسبب في ذلك هو أن نظام الدراسة ولّد تساؤلات بداخلهم لم يجدوا لها إجابات في محيط المنزل أو الكنيسة. هذه الأسئلة كانت المسبب الأول للشك في إيمانهم، وكان الجزء الأكبر من هذه الأسئلة خاص بنظرية التطور..
والمدهش في الأمر أنه حينما يحاول البعض منا البحث على الإنترنت يجدوا أن أنصار نظرية التطور متأكدين تمامًا من صحتها وأنها انتقلت من أنها مجرد نظرية إلى حقيقة علمية..
وستجد على الجانب الأخر أن المتدينين أو المؤمنين يؤكدون أن هذه النظرية على وشك الموت لأن الاكتشافات العلمية والحفريات لا تدعم هذه النظرية.
هذا الصراع هو ما سيجعلنا نقف في منتصف الفريقين لكي نبحث عن الحقيقة..
ولكن بداية ما سبب كل هذا الاهتمام والصخب الخاص بنظرية علمية مثل نظرية التطور؟
أولاً: باختصار لأن نظرية التطور تهدم نظرية الخلق، وتنفي أن الله هو من صنع الحياة، فالحياة بحسب نظرية دارون نشأت عن طريق عوامل بيئية وكانت في صورة بدائية بسيطة، وقد تطورت بعد ذلك على مر ملايين السنين لتصل لهذه الحالة الغير نهائية من سلسلة التطور..
وبناء على ذلك ستكون كل الديانات الإبراهيمية باطلة وما تحمله مجرد قصص أسطورية.
فليس هناك خلق، أو جنة، أو خطية سببت الطرد من الجنة، أو شيطان، أو أنبياء وما ترتب على رسالتهم ونبواتهم..
ثانيًا: هذه النظرية تدمر فكرة أن الإنسان مميز ومختلف عن كل الكائنات الحية، ذلك لأنه نتاج تطور من شجرة هذه الكائنات.
ثالثًا: السبب الأخير هو أن الإنسان سيشعر وقتها أنه غير خالد، فليس هناك روح أو حياة بعد الموت، وإن كل ما لديه هو هذه السنين الباقية من عمره وبعدها لن يبقى منه سوى ذكراه، مثله مثل أي شيء ينتهي من حوله.
وهذا ما سيجعلنا ننتقل سريعًا للتساؤلات حول ماهية النظرية نفسها..
ما هي نظرية التطور؟
نظرية التطور ليست مجرد التعريف البسيط الذي يقول إن "الإنسان أصلة قرد"، ولكنها نظرية أكثر تعقيدًا من ذلك، فهي تقوم على مبدأين أساسيين هما التطور Evolution، والانتخاب الطبيعيNatural Selection.
التطور هو أن يقوم الكائن الحي باكتساب سمات جديدة تساعده على البقاء، والانتخاب هو أن الكائنات التي تمتلك سمات تساعدها على البقاء سوف تبقى، بينما ستفنى الكائنات التي لا تمتلك تلك السمات.