لماذا قال السيد المسيح في متّى 10: 34
"لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَمًا بَلْ سَيْفًا".
وفي مكان آخر يقول: «جِئْتُ لأُلْقِيَ نَارًا عَلَى الأَرْضِ، فَمَاذَا أُرِيدُ لَوِ اضْطَرَمَتْ؟ (لوقا 12: 49).
ألم تكن هذه الآيات دعوة للعنف؟؟
كان يسوع على عِلم بأن السلام لن يعمّ الأرض عندما أتى إلى الأرض. كان لا بدَّ لمجيئه أن يسبِّب أولاً الشقاقات، والنزاعات، والاضطهاد، وسفك الدم.
فإلقاء هذا الشكل من النار على الأرض لم يكن هو القصد المُعلن من مجيئه، إنما حصل ذلك نتيجةً لهذا المجيء. فلم يكن هو من قام بفعل ذلك ولكن كان ذلك نتيجة لمجيئه إلى الأرض.
فلهذا الأمر سببين، السبب الأول ديني، والسبب الثاني روحي.
السبب الديني: هو أن خدمة يسوع كانت مرفوضة من اليهود، بل كان يراها اليهود على أنها تجديف وابتعاد عن يهوه، ونتيجة لذلك كان يحارب من رجال الدين اليهود الذين يحظون بقدسية خاصة لدى الشعب.
وما ترتب على ذلك هو أن رسالته الجديدة إلى العالم أدت لوجود هذا الانشقاق بداخل الأسرة والمجتمع.
هذا ما يحدث حتى يومنا هذا، حينما تقوم الأسرة والمجتمع باضطهاد ورفض وأحياناً قتل أي شخص يقوم باعتناق المسيحية.
السبب الثاني: هو سبب روحي فبحسب الكتاب المقدس فإن وجود يسوع على الأرض هو أن ينشر ملكوت الله في عالمنا، وهو الأمر الذي كان يحاربه الشيطان بشدة حتى يقضي على هذه الرسالة السماوية.
فمن بداية ميلاده يريد هيرودس أن يهلكه (متى 2: 13).
ثم أتى الشيطان ليجربه ولكي ينتزع سلطانه (متى 4:1).
جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ (أعمال 10:38).
مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ. 1 يوحنا ٨:٣
من هذه الآيات نكتشف أن هناك حرب دائمة بين المسيح وأتباعه من جانب وبين إبليس من جانب آخر، هذه الحرب اشتعلت بتجسد المسيح، لأنه قد أتى من ينقض أعمال إبليس.
طرح الأسئلة الصحيحة
السؤال الصحيح يحتاج للتفكير فيه وتقييمه قبل طرحه. وللأسئلة أهداف وأغراض كثيرة، والأسئلة الصحيحة الخاصة بالعنف في المسيحية من المفترض أن تكون كالتالي:
- هل هناك نصوص أمر يسوع فيها أتباعه بقتل الناس أو استعمال العنف معهم، وأين هذه النصوص؟
- هل من الطبيعي جمع متناقضات مثل المحبة والسلام وبذل الذات مع العنف والقتل؟
- أين هي النصوص التي تشجع على العنصرية وعدم قبول الآخر والإقلال من شأن المرأة؟
في كافة أمور الحياة نجد أن تطبيق الناس للإيمان أحياناً ما يكون متقارباً وأحياناً ما يكون متبايناً. السبب في ذلك أن قلب الإنسان مخادع، وكثيراً ما يستخدم الإيمان لتحقيق شهواته ورغباته الدنيوية.
في حين أن تعاليم المسيح توصي بالموت عن شهوات العالم ومحبته وغروره، ومن هنا نكتشف الفرق بين المسيحية الحقيقية وبين ممارسات رجال الدِّين ومن يدّعون بأنهم يخدمون المسيح.